هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مسرحية ( قاع ) للكاتب العراقي عمار نعمة جابر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عمارنعمةجابر




عدد الرسائل : 4
المذاج : مسرحية ( قاع ) للكاتب العراقي عمار نعمة جابر 210
البلد : مسرحية ( قاع ) للكاتب العراقي عمار نعمة جابر Male_i14
my sms : My SMS $post[field5]
تاريخ التسجيل : 06/01/2013

مسرحية ( قاع ) للكاتب العراقي عمار نعمة جابر Empty
مُساهمةموضوع: مسرحية ( قاع ) للكاتب العراقي عمار نعمة جابر   مسرحية ( قاع ) للكاتب العراقي عمار نعمة جابر Emptyالأحد يناير 06, 2013 1:29 pm

قاع
مسرحية ذات فصل واحد
المكان غرفه حجر صحي في الطابق السفلي لسفينة في عرض البحر….المسرح تتبعثر عليه بشكل عشوائي أسّرة متحركة.. فوق كل سرير شخص مغطى بملاءة بيضاء …..
ــ صــوت هـديـر بـحـر ــ
أصوات بشرية متألمة…
يبدأ أحد الأشخاص بالحركة شيئا فشيئا ثم يجلس
القاصSad يحدق في المكان ) برابرة أولئك الذين فكروا بالحجر الصحي .. ليتهم ممن قضوا في غرفه كهذه لتحدق عيونهم بما فكروا به .. أربعة جدران وسقف وارض من خشب ..هذا هو كل شئ .. هذا هو ما بقي من دنيا الحجر الصحي ( يقف ) دنيا لا ليل فيها ولا نهار .. لا ندري كم من الأيام مرت على هذه الغرفة .. علينا ونحن في الحجر الصحي ( يتحرك ) حفظت كل ذرة صغيرة في هذا المكان .. هنا مسمار مكسور الرأس .. وهنا مسمار خشب .. وهنا رسم قلب لم يطعنه سهم ( كيوبيد) بل مرت عليه الأيام هو وصاحبه بين هذه الجدران لينفقوا على هذه الأرض اللعينة .. وليتها كانت أرضا حقيقية .. خشب كاذب يعوم على بحار لا قرار لها ..أواه .. اشعر بدوار في رأسي كل أعضائي تؤلمني .. يبدو أننا قضينا وقت طويلا في النوم اليوم .. آه …
( القاص رجل كاتب أو يدعي ذلك وهو نحيل أشعث الشعر منهك تماما )
القاصSad يمسك رأسه ) طنين هدوء مريب يصرخ في السفينة هذا اليوم .. ( يلمس وجهه ) يراودني شعور غريب أن وجهي بدأ يتغير بسرعة .. لم أره منذ أن غدوت هنا .. أظن أن أنفي أصبح أكبر من يوم أمس ..عيناي غدتا جاحظتين .. لا ادري ماذا حدث لشفتي اشعر أن ملمسهما غريب … ربما بدأتا بالترهل كشفتي شمبانزي (يتحرك ، يصرخ ) بقع .. ليس اكثر من كونها بقع … لم تكن ( جرباً ) أبداً … ثم من قال أنها( جرب ) بقع ( يجلس ) صدقوني … بقع بسيطة طفحت على الجلد .. لماذا ؟ أ نتفسخ هنا بسببها؟ .. لماذا ؟ البحارة دائماً يصابون بالطفح الجلدي … من الشمس .. من البحر .. من الوحدة القاتلة .. ونحن بحارة مثلكم ( يصرخ) ألا تسمعون ؟ انتم يا من في الأعلى … آه … كم تنعمون بنور الشمس ، وذلك الهواء الرطب ، الذي يغسل الرئتين من أدران السنين .. انتم يا من في الأعلى .. ارحمونا بمرآة ، مرآة فقط .. نشاهد فيها وجوهنا .. هذا كل شيء .. ( يلمس وجهه) ماذا حل بهذه الوجوه التعيسة ؟ هل ستبدو على خير ما يرام في صندوقها الأخير ؟ .. بنضارتها التي شاهدتها آخر مرة قبل … قبل ( في حيرة ) قبل شهور … عشرات الشهور .. هل سيكون خشب الصّندل اكثر نضارة من شفاهي الذابلة وأنا في داخله ؟.. ( يحدق في المكان ) برابرة أولئك الذين فكروا بالحجر الصحي .. ليتهم ممن قضوا في غرفه كهذه لتحدق عيونهم فيما فكروا به … أربعه جدران وسقف وارض من خشب … خشب .. دنيانا كلها من خشب … وحتى موتانا .. لا نرحل إليه إلا بخشب … صلبان حديثه هذه الصناديق الخشبية .. انظروا إنها تنتظر معهم .. تنتظر أن ننفق لتلقي بنا في عرض البحر .. يا من في الأعلى على مهلكم .. صدقونا.. مثلكم نحن ، سئمنا ، كما سئمتم من حياتنا.. حياتنا ( يضحك بهستيريا ) حياتنا أية حياة ….
( صــوت هـديـر بـحـر )
القــاص : ( يحدق في خشب الغرفة ) ألفان وثلاثمائه واربعة وستون قطعة من الخشب في جدرانها ، كل قطعة ثبتت بأربعة من المسامير.. الحاصل بالتأكيد هو ضرب القطع بعدد المسامير .. وإذا طرحنا عشرة مسامير ناقصة من عدة أخشاب سيكون العدد دقيقاً إلى نسبة مائه بالمائة … أمي كانت تعلمني الرياضيات بشكل مستمر دائماً ، تريدني إلا أخطئْ في حساباتي ، كانت تقول انك تأن في نومك يا صغيري .. وماذا في ذلك يا أمي؟ .. ستموت غريباً ، هذا ما يقولون .. بدأت أنسى حتى ملامح أمي.. حاولت كثيراً أن استحضرها دائما كي أمنع نفسي من نسيان خيالها الذي يشعرني بالألفة لكن دون فائدة .. حساباتي كانت دائما على خطأ … ( يغني ) هــم … هــم …هــم أمي أموت غريباً ، لا يهم … لكن المهم أن أموت إنسانا ..ً إنساناً يا أمي . لا شمبانزياً في قفص من خشب يعوم إلى الوجهة المجهولة …هــم ..هــم ..هــم ...
( أحدهم من تحت الملاءة ) نريد أن ننام .. دعك من الغناء ..
القاص : ( يحرك الأسرّة بشكل عشوائي ) هيه .. انتم انهضوا .. انهضوا ..
البدين : ( يتحرك تحت الملاءة ) ماذا؟ هل جلبوا الفطور ؟
القاص: ألم يقتلك(الجرب) يا صديقي ؟
البدين : كلا طبعاً يا هذا … فالموتى يفقدون النطق في العادة .
القاص : يوم جديد لك في القاع … أتمنى أن يكون لك الأخير …
البدين : كلا بالتأكيد .. لن اترك أحدكم يحصل على حصتي في الفطور .
( ينزل من سريرة ، بدين جداً يتحرك بصعوبة )
البدين : السرير اللعين .. سيقتلني بسرعة وأنا لا أزال شاباً .. ( للقاص ) لم تقل لي … هل جاء الفطور ؟ هيا أحضره بسرعة أرجوك ..
القاص : ( باستغراب ) الفطور ؟ أي فطور ؟..
البدين : أي فطور …حصتي في الفطور ..
القاص : وكيف عرفت أننا في وقت الصباح كي تطلب فطوراً ؟
البدين : الصباح ؟ .. لا ادري لكنني أستيقظت لتوي من النوم جائعاً ، وارغب في تناول طعام الفطور …
القاص : لكنك ربما استيقظت ألان وأنت في منتصف الليل .. أو ربما في وقت الظهيرة أو ..عند مغيب الشمس ..من يدري ..
البدين : ربما .. لكنني جائع ، وأريد طعاماً .. أريد أن أأكل هذا كل ما اعرفه ..هل سمعت ؟
القاص : سمعت ذلك يا سيدي ..
البدين : إذن تحرك بسرعة .
القاص : لكنهم لم يدفعوا لنا بالطعام من تحت الباب بعد ..
البدين : ماذا ؟
القاص : يبدو أن وقت الطعام لم يحن بعد ..
البدين : كيف ذلك؟ .. لقد أخبرتهم أنني لا أستطيع دون طعام .
القاص : كلنا يعلم ذلك يا سيدي ..
البدين : إذن لماذا هذا الإهمال ؟
القاص : المعذرة عن التقصير .. لن تتكرر ثانية ..
البدين : أرجو أن لا انتظر طعامكم طويلاً …
القاص : يبدو انهم في الأعلى قد نسوا أن يرسلوا بالطعام إلي غرفه الحجر الصحي .
البدين : مللت من الحياة مع ( الجرب ) في غرفه الحجر دون طعام .. ثم أنني لا أريد أن اقضي بمعدة خاوية …ذلك يضايقني يا هذا …
القاص : أتمنى أن تكون طويل العمر يا سيدي ..
البدين : عمر بدون طعام لا حاجه لي به ..
القاص : تمنت لك ما نتمناه جميعاً أن يكون اليوم هو الأخير فلم ترضى .. تمنيت لك طول العمر فلم ترضى . ماذا تريد يا سيدي إذن ؟
البدين : هذه الأيام يتاخرون في الفطور دائماً ؟ ترى ما سبب ذلك برأيك ؟
( ينهض شاب شاحب الوجه من على سريره )
الشاب : آه .. ما هذا .. اخفضوا أصواتكم أرجوكم .. جدي رجل كبير ويحتاج إلى النوم ..
القاص : لكنه ينام منذ فتره طويلة يا عزيزي …
البدين : ولا ادري كيف يبقى هكذا دون طعام ..
( الشاب يحاول أن يصلح الملاءة فوق أحدهم )
الشاب : انه رجل طاعن في السن .. ويحتاج إلي الراحة ..
البدين : كلنا بحاجة إلي الراحة … وبحاجة إلى الطعام أيضاً ..
القاص : وبحاجة كذلك أن نشفى من ( جربنا ) ..وبحاجة إلي أن نخرج من قاع هذه السفينة لنطفوا إلى الأعلى .
الشاب : أنت على حق .. نعم .. جدي بحاجة إلى أن يصعد إلي ظهر السفينة .. نعم .. ويستلقي هناك تحت نور الشمس ، ورائحة البحر، ليعود كما كان في السابق .. يعود سيداً يملك السفينة من أقصاها إلى أقصاها …يقف له البحارة على جانبي دربه ليحيوه ..وتنحني له السيدات احتراما .. ويمر هو ببذلته الناصعة البياض .. يحيي الجميع بإشارة من رأسه … الجميع كان يحب جدي ..نعم .. ويحترمه , لقد كان يملك سطوة الاباطرة في عينيه ، فقد كان الجميع يخشى التحديق فيهما … انظروا .. إن عينيه بحاجة إلى نور الشمس كي يعود لهما بريقهما الماضي … انظروا هل ترون ؟
البدين : نعم .. وتعود لي رشاقتي ..صدقوني .. لقد كنت على ظهر السفينة شاباً نحيلاً جداً ونشيطاً جداً لكن
منذ إن أصابني ( الجرب ) اللعين وسكنت في القاع اخذ وزني يزداد شيئاً فشيئاً .. يوماً إثر يوم ..ولا اعرف ماذا سأصبح بعد فتره …
( ينهض القس من تحت ملاءته وهو يحمل بيده ناقوساً صغيراً يضرب به )
القس ( يحدق في المكان ) : أيضاً لازلت هنا ؟ .. متى ؟ متى؟ متى؟ ( يصرخ ) متى؟ ( يسترجع ) لا اعتراض .. لا اعتراض إنها المشيئة .. المشية المقدسة ( يركع على ركبتيه يقرع ناقوسه) شكراً ..إنني متيقن إن هذه الآلام ستطهر ذواتنا المذنبة .. الشكر هو كل ما نملك .. وأقسى ما تحمل ألسنتنا الآثمة ( يلتفت يميناً وشمالاً )
القس : ( يقرع الناقوس ) : انه الموعد .. انه الموعد ( يقترب من البدين ) حان الموعد يا سيدي ( يقترب من القاص ) أذكرك فقط يا سيدي بالموعد ( يقترب من الشاب ) الموعد يا عزيزي ..
البدين : أي موعد يا هذا ؟
القس: لا تعرفون أي موعد؟ .. ها .. تعرفون موعد الطعام .. والنوم .. وموعد الدواء .. ولا تعرفون هذا الموعد..
الشاب : لا اعتقد أن جدي قال لي شياً عن المواعيد ..
القس : (بقدسية ) الأهم بين كل المواعيد.. موعد الشكر ..
البدين : ( باستهزاء ) الشكر ؟
القاص : ( بتفكير ) : الشكر …
الشاب : ( ببلاده ) الشكر …
القس : ( يحرك الناقوس ) لا تدركون مطلقاً معنى أن يكون المرء شاكراً ..
البدين : ( باستهزاء ) الشكر .. كلمة مميزة ..آه ، لو استطعت التهام نقاطها الثلاث آه …لكانت ذات مذاق رائع …
القس : ( بتعجب ) رائع !!
الشاب: جدي يؤكد أن الشكر سمة مؤدبة .. وقد كان يقول : إن أستاذ التاريخ في جامعته يقدس المبدأ الميكافيلي في الشكر .
القس : مبدأ ماذا ؟
القاص : الشكر موضوع رائع ..
القس : رائع لماذا ؟
القاص : لقصة..
القس : قصة !
القاص : نعم .. قصة عن أولئك الذين يحصدون نتائج شكرهم ..
القس : ( بغضب ) الشكر اكبر من رؤوسكم …أيها المرضى المتفسخون .. إنني اشكر دائما لأنكم هنا ..( يدعو ) أتمنى أن تقضوا حياتكم ..لا يمكن أن أتخيلكم في مكان آخر .. مكانكم في هذه الغرفة ، وعلى هذه الأسرة .. ( يدعو ) أتمنى أن تقضوا حياتكم هنا .
( القاص ، البدين ، الشاب ) : ( معاً ) آمين …
القس : ( يتعجب) آ…
( القاص والبدين والشاب يضحكون )
البدين : الشكر في حجر صحي ! كيف ذلك ؟
القس : ( بغضب ) وأين يكون إذن ؟
البدين : الشكر يا هذا عادةً يكون إما على مائدة مليئة بأنواع ألاطعمة ..أو .. أو ..أمام جسد مكتنز لأيل محشي بالجوز واللوز …
_ صــوت هـديـر بـحـر _
الشاب: (بتفكير ) جدي يقول أنها ستصل ذات يوم إلى الشاطئ .
القاص : جدك يمتلك ….(يقاطعه الشاب )
الشاب : لا تذكر جدي بسوء أفهمت؟ … لقد كان …. كان ….
القس : كان .. وكلنا سنصبح كذلك ( يحرك الناقوس )
البدين : لا اعرف لماذا تأخر الفطور هكذا …
الشاب : فطور ؟ .. أي فطور ؟ …
البدين : يجب أن يكون موعده ألان …
القاص : الموعد الوحيد الذي ننتظره … الموعد الحقيقي الوحيد لنا ، فبعد انتظاره تجيء الاطباق في النهاية.
البدين : م م م…أحلا لحظات ..
الشاب : ( وهو يرتب سرير أحدهم ) جدي كان يقول دائماً إن الطعام وسيلة ..
القس : ( يحرك الناقوس ) بطون .. بطون ليس اكثر من بطون .
_ صــوت هـديـر بـحـر _
القاص ( يتوجه إلى سرير أحدهم وهو مغطى بملاءته ) : لا أتذكر متى نهض من سريره آخر مره ..
الشاب : تعني الأستاذ ؟ .. قد يكون ..
القس : لا .. أعتقد مطلقاً أنه قد يكون ..
البدين : وأنا كذلك اعتقد كينونة الأستاذ كانت منذ زمن بعيد ،انه يرزح تحت ملاءته بصمت الأطباق الفارغة.
القاص : لنحاول أن نساعده . قد يكون محتاجاً إلى شئ
( يدفع سرير الأستاذ إلى المقدمة )
القس : وأي شيء في اعتقادك انه قد يحتاجه تحت ملاءته ؟
الشاب : الأستاذ يحتاج ؟ أي تلك الحاجات تعني ؟
البدين : (بتصنع ) يا هذا .. البايلوجية بالتأكيد .. ويمكنني أن أخصص عمومية الطرح والموضوع بأنها تتعلق بالبروتينيات والكاربوهايدرات ..وبدقه أكثر إن لها علاقة اللحم بالأرز .
القاص : طيب .. دعونا نرى في موضوعات الحاجات .. ما هي أول حاجاتنا يا ترى ؟
( يدفع سرير المعلم إلى العمق )
القاص : ( يقف في العمق ) لنفكر مع الأستاذ والجد في حاجاتنا المشتركة ..
البدين : بايلوجي ..أؤكد ذلك ..
القس : روحي .. حاجات روحية ( يقرع بالناقوس )
الشاب : كلا .. كلا أبدأً ، إن جدي …
القاص : ( مقاطعاً) حاجاته بسيطة ، أليس كذلك ؟
الشاب : ( بغضب ) ماذا ؟ أرجو أن لا تذكر جدي بسوء أفهمت؟ .. جدي لا يحتاج مطلقاً… لا يحتاج …إنه … إنه …
القاص : هل هو مكتفي ؟
الشاب : لا … لا .. إنه .. إنه ..
القاص : تعني مستغني ؟
الشاب : لا.. لا .. إنه ..إنه ..
القاص : انه ماذا ؟
الشاب : إنه .. إنه جدي .. جدي وحسب ..
القاص : ألانه جدك .. فهو لا يحتاج ؟
الشاب : نعم بالتأكيد فكيف بجدي … جدي أنا أن يحتاج …
( يذهب الشاب ويحرك سرير الجد نحو مقدمه المسرح)
الشاب : لا يمكن لي أن أتخيله محتاجاً .. لقد كان شيئاً رائعاً .. وقد بلغ حين كنا على اليابسة مكانة ال ..مكانة ال ..
القس : مكانة العظماء ؟
الشاب : لا .. لا .. مكانة ال .. مكانة ال ..
القس : مكانة الحكماء ؟
الشاب : لا .. لا .. مكانة ال .. مكانة ال ..
القس : مكانة الأولياء ؟
الشاب : لا .. لا ..
البدين : نعم .. نعم ..مكانة طبق الدجاج على المائدة ..
الشاب : لا .. بلغ جدي مكانه لم يبلغها أحد قبله مطلقاً .. وأشك أنه .. يمكن لأحد بعده أن يبلغها
(يدفع سرير جده إلى مكانه الأول )
_ صــوت هـديـر بـحـر _
القاص : لقد كان أستاذاً رائعاً ..
البدين : ماذا ؟ هل ترغب في درس في اللغة أو التاريخ الآن ؟ أنا اعتقد إن هناك رغبات أهم .. ( بتفكير ) بدأت ازداد قلقاً بشأن الفطور ..
القاص : أنا بحاجة إليه في كتابة قصتي الجديدة ..
الشاب : قصتك الجديدة .. ماذا عنها ؟
القاص : القصة التي أفكر في كتابتها ..
القس : كل مره تتحدث عن القصة التي تفكر في كتابتها …
البدين : ولم نسمع عن أي شيء تتحدث قصتك ..
الشاب : جدي كان يمقت أولئك الذين يتلذذون بتلاوة آلام الآخرين .
القاص : ( بغضب ) جدك لا يعرف عن قصتي أي شيء ..
الشاب : ومن يعرف عنها إذن ؟ جدي يعرف كل شيء .
القاص : ( بغضب ) جدك .. جدك .. جدك .. جدك لن يستوعب ما معنى أن يكون المرء قاصاً..
القس : ( يقرع بالناقوس ) م … م…م
القاص : القصة عالم لا يرتقي إليه الكثيرون .
الشاب : وأنت مرتقي ، أليس كذلك ؟
القاص : لا يمكنك وجدك فهم ذلك ..
الشاب : فهم ماذا يا سيدي ؟ … منذ أن حدقت محاجري في قسمات وجهك ، ولم اسمع جملةً واحدةً عن قصتك التي تصرخ بها في كل وقت .. وجدي لم يحدثني عن شيء كتبته سابقاً .
البدين : نعم .. نعم .. حدثنا عن قصتك التي ترغب في كتابتها ، لعلنا نقتل بعض الوقت ، فأنا متأكد إن موعد الفطور ليس بعيداً جداً ..
القس : ( يجلس على سريره ) أي عبره في قصتك اخبرنا أرجوك ؟
القاص : ( بتردد ) إنها تتحدث عن أل .. أل .. الانتظار … نعم .. الانتظار …
_ صــوت هـديـر بـحـر _
القس : يا الهي .. الانتظار .. يا لقداسته .. انه الشوق نحو اللقاء القادم .. انه الصبر الجميل لانقضاء الأيام المتبقية من العمر لنحظى بعبق المثول تحت كيان الرحمة الازلية .. ( يقرع بالناقوس ثم يغمض عينيه ، بقعه ضوء حوله ، يدور ) هناك حيث الفردوس حيث السماء زرقاء صافيه .. والغابات تمتد على مد البصر ، والأنهار الرائعة والكبيرة .. ( ينظر إلى الأعلى ) والطيور والفراش ( يشم ) وعبق السعادة يسد انفك هناك .. الفردوس .. يا لقدستها …
القاص : ( بتردد ) ولكن .. انتظار أل …
البدين : ( يربت على كتف القاص بانفعال مصطنع ) أحسنت يا صديقي .. فالانتظار هو الموضوعة المناسبة لقصتك القادمة .. ولكن لا أرى أن عمومية الطرح عند القس مهمة ( يهمس ) قد لا يمكنك لم شمل الموضوع إذا اتسع .. ( يسير جيئةً وذهاباً وهو يضع يديه خلف ظهره ويفكر ) أفكر في أن تقوم بخصخصة الموضوع وان يكون الانتظار مرتبطاً بحاجات الإنسان الدنيوية ، كالطعام مثلاً ( يقترب من القاص ) واقترح أن .. أن لا تجعل بطل القصة ينتظر طويلاً..
القاص : سأحاول …
الشاب : ( بغضب ) ستحاول !! أتعنى انك ستكتب عن الطعام ؟
القاص : لا .. ولكن …
البدين : ولم لا .. الطعام موضوعة دسمة فلولا خبزة ( هيجو ) لم يكن ( للبؤساء ) وجود ..
الشاب : ( للقاص ) لا أصدق انك ستكتب عن أطباق الحساء الساخنة ..
البدين : ( بغضب ) ولم يغضبك ذلك يا هذا ؟
الشاب : ( للبدين ) الطعام وسيلة لا غاية ..
البدين : ( يقف أمام الشاب) ومن قال لك ذلك ؟
الشاب : جدي .. جدي قال لي ذلك ..
البدين : وما الذي ينتظره جدك غير الطعام ..
الشاب : ( يصرخ ) جدي لا ينتظر ( بتفكير ) أنا الذي انتظر جدي …
البدين : ( باستهزاء ) وتريده إن يكتب قصته في انتظار بقايا جدك تحت الملاءة …
القس : ( يحرك الناقوس ) م .. م .. م
القاص : أرجوكم .. أنا أريد أن أقول ..
_ صــوت هـديـر بـحـر _
القاص : لماذا لا نحصر الموضوع في الاتفاق ؟
البدين : أي اتفاق ؟
القاص : اعني أن .. أن نتفق ..
البدين : نحن على كل حال متفقون .. لكن على ماذا ؟
القاص : نتفق على أن نتوحد في وجهتنا .
الشاب : ( يضحك ) وجهتنا ؟
القاص : ما الذي يضحكك ؟
الشاب : ( يضحك ) أنت تقول وجهتنا ؟
القاص : نعم وجهتنا …
الشاب : ( بغضب ) أية وجهه تعني؟ .. يبدو انك تنسى مكانك الذي أنت فيه ( يقترب من القاص ) أنت في غرفة للحجر الصحي ، في سفينة تسير في البحر .. لا يعرف أحد منا أين تتجه ، ولا متى ترسوا .. أنت مقذوف في سلة مهملات هذه السفينة .. في القاع .. أنت في عداد الأموات بالنسبة لمن في الأعلى ، يلقون لك كالكلاب فتات قصاعهم المليئة بالا طعمه وسيقطعون ذلك متى شاءوا .. ليس لأحد منا أي أمر فيما نحن فيه … لكن جدي كان يقول دائماً أنها سترسو يوماً ما …
القاص : اعني نتفق على وجهتنا في الانتظار .
البدين : إننا جميعاً في هذه الحجرة ننتظر شيءً واحداً فقط .
القاص : وما ذلك الشيء ؟
البدين : الفطور .. نحن ننتظر الفطور .. كلنا ننتظر الفطور .. إذن نحن على وجه واحدة في الانتظار .
القاص : ثم ماذا بعد الفطور ؟
البدين : ( متردداً ) بعده … بعده … ننتظر الفطور أيضاً ..
الشاب : ثم ماذا ؟
البدين : الفطور أيضاً .
القس : وبعدها ؟
البدين : الفطور بالتأكيد ..
القاص : أرجوك .. انظر إلى شيء أخر غير الفطور .
البدين : لا أستطيع … صدقني .
القاص : تستطيع …
البدين : صدقني يا هذا .. عيناي لا تستطيع أن تبتعد عن التفكير في دجاجة مستلقية على ظهرها في المائدة حتى تعود لتحلم بأطباق الحلوى المختلفة ..
القاص : ولكن يا سيدي هناك أشياء أهم من الطعام علينا أن نفكر فيها .
القس : نعم أنت على حق .. ولكن ما هذه الأشياء في رأيك ؟
القاص : مثل .. مثل أن .. مثل أن نشفى من المرض .
البدين : ماذا ؟
القاص : نشفى من المرض …نعم .. لكي نخرج من غرفة الحجر الصحي .
البدين : ننتظر أن نشفى من المرض !
القاص : نعم .. نفكر في أن ننتظر أن يحدث ذلك .
القس : إن ذلك بحاجة إلى معجزة .
الشاب: ويشفى جدي ؟
القاص : وتشفى أنت .
الشاب : وتنتهي كل آلامه ؟
القاص : وتنتهي كل آلامك .
القس : ولكن الانتظار شيء ، وحدوث ما ننتظر شيء آخر .
البدين : ماذا تعني يا هذا ؟
القس : أن نشفى من المرض شيء ، وانتظار أن نشفي شيء آخر .
البدين : وما الفرق في ذلك ؟
القس : قد نبقى ننتظر ولن نشفى أبداً .
الشاب : ماذا ؟ ماذا تقول ؟
القس : أن انتظر الفردوس شيء ..وان ننتظر أن نشفى شيء آخر ..
الشاب : ( بغضب ) نعم فهمت ما تعني .. تريدنا أن ننتظر معك أن نموت لنذهب إلى فردوسك .. لماذا لا ننتظر الشفاء لنحيا من جديد أنا و جدي .
القس : الشفاء بحاجة إلى معجزة .. لكن الموت لا يحتاج إلى ذلك .. صدقني .
الشاب : لا أريد أن انتظر الموت أنا وجدي … أفهمت ؟
القاص : اذاً ماذا علينا أن ننتظر ؟
الشاب : ننتظر أن يفتح هذا الباب مثلاً .
البدين : ماذا ؟ هذا اليوم اسمع أشياء لم أفكر فيها من قبل مطلقاً .. ماذا تقولون ؟ نحن هنا منذ فتره طويلة .. نأكل وننام .. ونتذكر الأيام الخوالي .. و.. فقط
الشاب : إذا كنا نريد الشفاء ، فيجب أن يفتح هذا الباب .. منذ أن كان جدي بحيويته الكاملة ، ونحن في هذه الغرفة ( بجربنا ) الذي لم يعالجنا منه أحد . ثم قد يكون علاجنا خلف الباب .. من يدري .
القس : لا يوجد علاج لمرضنا .. هذا كل شيء .
الشاب : من قال ذلك ؟ كل الأمراض لها علاج .. نحن بحاجة إلى أن نبحث عن ذلك .
القاص: وكيف ؟
الشاب : أن يفتح هذا الباب .
البدين : لكنه لم يفتح منذ .. منذ..
الشاب : منذ زمن بعيد .. بعيد جداً .
البدين : أنت على حق .. فالطعام كان يمرر من تحت الباب و .. فقط .
القاص : إذن نحن متفقون أن شفاءنا مرتبط بالباب؟
الشاب : اعترض ..
البدين : تعترض ؟ ماذا دهاك .. أنت من قال ذلك .. أليس كذلك ؟
الشاب : نحن الأربعة متفقون لكن جدي ليس كذلك ..
القاص : ( يستدرك ) والأستاذ أيضاً ..
البدين : لكنهم تحت ملاءاتهم .. ولا اعتقد انهم يرغبون في الكلام .
القاص : إذن دعونا نتوقع ماذا يكون رأيهم ؟
الشاب : نتوقع رأيهم ؟
القاص : نعم .. فقد يكون لهم رأي آخر .. وأنا متأكد انه سوف ينفعنا .
البدين : من آراء الجد .. أن الطعام وسيله .
القس : الجد يؤمن بالمبدأ الميكافيلي في الشكر .
القاص : والجد يكره من يتلوا آلام الآخرين .
الشاب : وما علاقة كل ذلك بالباب؟
القاص : فلنحاول أن نجد علاقة في ذلك . فالجد يؤمن بالوسائل .. ويوافق على اعتناق المبادئ .. ويعارض إيلام الآخرين ..
القس : رائع .. إذن لدينا وجهة نظر الجد في الباب .. فهو يؤمن بوجود وسيله للشفاء ، وهو فتح الباب .. ويوافق على إن المبدأ مطلوب في قضية فتح الباب ..ويعارض أن نبقى في ألم دائم في هذه الغرفة .
البدين : والأستاذ .. ما هو رأيه في الموضوع ؟
القاص : الأستاذ يؤمن بالحياة .
البدين : وماذا يعني ذلك ؟
القاص : يعني الكثير .. فإن لم يكن موافقاً على قضية فتح الباب ، فهو لا يعترض على ذلك .
القس : أذن لنصوت .
القاص : ( يرفع كفه ) في فتح الباب علاجنا .
الشاب : ( يرفع كلتا يديه ) جدي وأنا نؤمن بفتح الباب.
القس : الباب والشفاء وجهان لعملة وجودنا .
_ صــوت هـديـر بـحـر _
القاص : الانتظار وجهتنا .. نعم .. انتظار ماذا ؟ .. انتظار الشفاء .. والشفاء لا يتحقق دون أن يفتح الباب .
البدين : أنت على صواب .. والباب ؟ ماذا عن الباب ؟
القاص : ماذا تعني ؟
البدين : أعني متى يفتح هذا الباب لكي نشفى من ( الجرب ) ؟
القس : الباب ؟
الشاب : الباب لن يفتح دون أن نشفى ، لأننا في غرفة للحجر الصحي .
القاص : ولن نشفى دون أن يفتح الباب .
القس : إذن لن نشفى أبداً .
القاص : لماذا ؟
القس : لان الشفاء مرتبط بالباب . والباب مرتبط بالشفاء . وجهان لحقيقة واحدة .
القاص : أنت على حق ، حقيقة يجب أن نعرفها .. ونسلم بها ...
_ صــوت هـديـر بـحـر _
البدين : ( يضحك ) يبدو انهم في الأعلى يعانون من متاعب في المؤن وإلا ما الذي يؤخر الفطور هكذا .. أرجو أن لا يكون لهم قرار جديد بخصوص ذلك ..
القس : ( منفرداً ، يقرع الناقوس ) الشكر لك يا واهب الحياة .. أتوسل إليك لا تجعل آلامي كبيرة حينما تنتقل روحي المعذبة إلى العالم الآخر ..آمين …
الشاب : ( قرب سرير جده ) جدي … أنا اعرف دائماً أنها سترسو ذات يوم .. سأبقى يا جدي مؤمن بوجودك
القاص : ( قرب سرير الأستاذ ) هل ننتظر أن يفتح الباب لكي نشفى يا أستاذ ..آم ننتظر الشفاء كي يفتح الباب ؟ .. إننا لا نعرف ما الذي ننتظر يا سيدي .. ( إلى الجميع ) لا اصدق أننا لا نستطيع أن نحدد ما ننتظر …
الشاب : إننا ننتظر الشفاء .. والشفاء فتح الباب … والباب …
البدين : والباب … صامت … لم يعطنا حتى طعامنا هذا اليوم ..
القس : استمعوا إلي .. لماذا لا نترك هذا الانتظار الذي أتعبنا هذا اليوم كثيراً …
الشاب : ماذا تقول ؟ لا نستطيع ذلك . نحن لم نصدق أن وجدنا شيئاً نفكر فيه … نتمناه . وتريدنا أن نتركه.
القس : إننا نتألم بسبب انتظاركم هذا …
القاص : إننا نحاول أن نجد سبباً نحيا من اجله بين هذه الجدران الخشبية .. منذ سنين طويلة ونحن نسكن قفصاً في وسط البحار المتلاطمة ، والتي ليس لها قرار … ( الجرب ) ينهش كل أجسامنا ونحن في القاع ، ننصت برعب لوحوش البحار تضرب جدران القفص اللعين .. ولا نعرف لها نهاية .. أسمعوا .. فتح الباب هو ما نحتاج أليه ، صدقوني … كي نعرف النهاية …
البدين : لكن الباب لن يفتح حتى نشفى من ( جربنا ) اللعين ..
القاص : وبين هذه الجدران سيأكلنا إن لم نفعل شيئاً .
الشاب : ( للقاص ) إذن أنت تطلب منا أن ننتظر فتح الباب ؟
القاص : نعم … يراودني شعور بأن شفائنا سوف نجده خلف هذا الباب ..
القس : ( يقرع الناقوس ) سراب … تتألمون لإجل سراب …
الشاب : كف عن قرع ناقوسك الغبي هذا … ألا ترى أن جدي يحاول أن ينعم بنوم هادئ ..
_ صــوت هـديـر بـحـر _
البدين : ( ينام على سريره ) يبدو انهم في الأعلى قد تأخروا في صنع الفطور .. ( يخاطب القس النائم على سريره أيضاً ) ماذا تعتقد أيها القس انهم قد صنعوا على الفطور هذا اليوم ؟
القس : ( وهو نائم على سريره ) لا ادري ..
البدين : طيب .. ماذا تتمنى أن يكون فطورك هذا اليوم ؟
القس : أتمنى ! .. كنت فيما مضى أستطيع أن آكل ما اشتهيه في الوقت الذي اشتهيه . لكن ألان الأمر يختلف.
البدين : أمنيه .. أمنيه فقط يا هذا .. لأكثر ..
القس : أتمنى .. أتمنى .. لا أتذكر أنواع كثيرة من الأطعمة .
البدين : أستطيع أن أقول انك تتمنى أن تفطر جبنا وزيتونا ؟
القس : زيتون ؟ .. لا أتذكر طعمه . هل هو حلو المذاق كالليمون ؟
البدين : ماذا ؟ الزيتون حلو المذاق كالليمون .. أنت واهم يا هذا .. فالزيتون حامض المذاق كالقهوة ..
القس : أنت على حق .. لقد مر وقت طويل ..
البدين : ( يقوم من مكانه ويتجه نحو منتصف الغرفة ) ترى هل انتهى صنع الفطور اعتقد انهم قد فطروا على ظهر السفينة ، تحت أشعه الشمس الساحرة ، ونسيم البحر اللطيف .. واعتقد أن مسامعهم يعطرها لهم عازف كمان نحيل الجسم ( يقوم بتقليد حركة عازف كمان بحركات راقصة ) هم …. هم …. هم ..
القس : ( على نفس النغمة ) هم .. هم … هم
القاص : ( يحرك سرير الأستاذ بهدوء ) هم … هم … هم …
الشاب : ( يحرك سرير الجد بهدوء ) هم … هم … هم..
( الجميع بصوت واحد وبحركات واحدة )
_ صــوت هـديـر بـحـر _
( البدين يتجه نحو الباب وينصت بوضع أذنه قرب الباب )
القاص : ماذا تظن انك فاعل هناك ؟
البدين : لاشيء لكنني أحاول أن اسمع صوت أحدهم قادم .
القاص : وهل سمعت شيئاً ؟
البدين : ( يحاول التركيز ) الحقيقة لا .. مع الأسف ( يحاول مسك الباب ) .. يا الهي ( يفزع ) …( يتراجع إلى الخلف وهو مذعور ) يا الهي ..
القاص : ( باستغراب ) ماذا هناك ؟ ما الذي حدث ؟
البدين : ( بفزع ) لا اصدق ذلك .. مستحيل ..
الشاب : ماذا سمعت عند الباب ؟ تكلم ..
القس : هل سمعت صوت أحدهم عند الباب ؟
البدين : الباب .. الباب ..
القاص : ماذا حدث للباب ؟..
البدين : الباب مفتوح ! ! !
القس : ( على ركبته ، يقرع بالناقوس ) يا الهي …
القاص : ( بتعجب ) الباب مفتوح .. من فتحه ؟
البدين : لا ادري ..
القاص : من قام بذلك ؟
الشاب : ( يحتضن سرير جده ) ترى لماذا فعل ذلك ؟
القاص: ومتى فعل ذلك ؟
الشاب : ربما فعل ذلك قبل قليل ..
البدين : أو منذ البارحة ..
القاص : أو ربما منذ أيام .. أوانه كان مفتوحاً منذ …منذ
الشاب : انتظرناه يفتح ففتح ..
القس : ربما أراد أن يساعدنا على الخلاص .
القاص : من ؟
القس : الباب …
البدين : لا … لا اعتقد ذلك .. ربما هو فخ .. ربما لو خرجنا من غرفتنا سيلقون بنا في البحر .
الشاب : ماذا ؟ فخ !
القاص : وماذا سنفعل ألان ؟
البدين : ننتظر .. ننتظر هنا .. ونرى ماذا سيحدث .
القاص : ننتظر والباب مفتوح !!
البدين : نحن لا نعرف ما الذي يحدث في الأعلى ..
القاص : يجب أن نفتح الباب ونرى ماذا هناك .
البدين : لا .. لن افتح الباب ..أنا سأنتظر هنا .. انتظر وحسب …
الشاب : جدي كان لا يغامر أبداً بحياته .. وأنا .. مع جدي في ذلك ..
القس : مكاني هنا .. لن أغادر هذه الغرفة .
القاص : حسناً .. أنتم ترون ذلك ؟ لكنني لا أستطيع الجلوس هنا لأنتظر .
الشاب : ألم نتفق على وحدتنا في وجهة الانتظار …
القاص : لم يكن لدينا باب مفتوح حين اتفقنا على ذلك .
البدين : لا اعتقد أن هناك فرقاً كبيراً .. افترض جدلاً انه ليس هناك باب مفتوح .
القاص : لا يمكن ذلك .
البدين : لماذا ؟
القاص : لان الباب مفتوحاً ألان يا سيدي .
القس : سأرجع إلى سريري . لن افتح الباب ( يتجه إلى سريره )
الشاب : ( يتجه إلى سرير جده ) لا أستطيع أن اترك جدي لوحده .
البدين : ( يتجه إلى سريره ) لا اعتقد أن الفطور البارد سيكون سيئاً ، سأنتظر فترة أطول .
القاص : أنا آسف لا أستطيع أن ارجع إلى سريري والباب مفتوح .. سأفتح الباب ( يتجه نحو الباب متردداً ، يضع يديه بتردد على مقبض الباب ، ويبدأ بسحب الباب بهدوء )
القس : السلام … السلام ( يقرع الناقوس )
( القاص يفتح الباب كاملا ويرجع إلى الخلف بهدوء )
البدين : ماذا هناك ؟ ماذا ترى ؟
القاص : لا يوجد أحد عند الباب .
الشاب : وماذا ترى هناك ؟
القاص : أرى سلما عند الباب .
البدين : سلم ؟ .. وماذا ستفعل به ؟
القاص : سأتسلقه إلى الأعلى .
القس : أنت تخاطر .. قد تدفع حياتك ثمناً لذلك ..أرجوك حكم عقلك في الموضوع . إن المنطق …
القاص : ( مقاطعاً ) المنطق يقول أن نبحث ، لا أن ننتظر لنتفسخ هنا ، سيدي القس .
( يندفع القاص خارجاً من الباب )
البدين : لا . عد إلى هنا ..أرجوك … عد إلى هنا …
_ صــوت هـديـر بـحـر _
( يقوم الشاب ويحاول أن ينظر من بعيد من خلال الباب المفتوح )
الشاب : ترى ماذا حدث له في الأعلى ؟
القس : (وهو يحاول النظر ايضاً ) قد لا يرحمونه ابداً .. ربما هو ألان طعم لأحد اسماك القرش العنيدة ..
البدين : ( يقترب من الباب اكثر من صاحبيه ) ربما الأمر ليس كما تتحدثان ، فقد يكون ألان على ظهر السفينة والنادل يصف أطباق الطعام الفاخرة على المائدة التي بين يديه .
الشاب : أتعتقد ذلك فعلاً ؟
القس : ربما استطاع أن يجد لنفسه علاجاً من ( الجرب ) .
البدين : ويتركنا هنا نموت لوحدنا … نتفسخ .. لا .. لا يمكن ذلك ( يقترب من الباب ) لا يمكن ذلك ( ينصت ) اسمعوا ..
الشاب : ماذا هناك ؟
البدين : اسمع صوتاً في الأعلى .
الشاب : أي صوت ؟
البدين : لقد غدا الصوت على السلالم .. انه صوت وقع أقدام أحدهم .
( ينسحبون إلى الخلف ويكونون كتله واحده يحدقون في الباب )
_ صــوت هـديـر بـحـر _
(يدخل القاص إلى الغرفة بيأس كبير، ويتوجه إلى سرير الأستاذ )
( يتجه إلى مقدمة المسرح وهو يحمل في يديه قطعة خشب وعلى ظهره كيس مملوء )
الشاب : ( يقترب من القاص بحذر ) ما الذي حصل ؟
القس : ماذا رأيت بعد السلالم ؟
البدين : هل صعدت إلى ظهر السفينة ؟ وماذا وجدت هناك ؟
القاص : ( بذهول ) لم أجد أي شيء
الشاب : لم تجد أي شيء ؟ ماذا تعني ؟
القاص : لا يوجد أي شخص في السفينة ، سوانا نحن ..
الشاب : كيف ذلك ؟
القاص : من كان في الأعلى ، قتلهم الطاعون ، الذي نقلته هذه ( الجرذان ) …
( يفرغ الكيس المملوء بالجرذان فتفر الجرذان يميناً وشمالاً )
البدين : وما هذه الخشبة التي بيدك ؟
القاص : إنها ( متراس ) بابنا الذي كان مقفلاً به من الخلف … لقد قطعته الجرذان التي ملأت السفينة من أعلى أشرعتها ، إلى اسفل قاع فيها .
القس : ماذا تعني بذلك ؟
القاص : سفينة فارغة من كل البشر . سوانا والجرذان ، والتي فتحت لنا باب المحجر الصحي . تقضم كل شيء في السفينة .. لا طعام .. لا دواء .. لا قوارب نجاة .. ولا محركات ولا أشرعه … ( صمت ) انظروا انها تنهش جدران القاع ….
عمار نعمة جابرـــ الناصرية/ شباط2003

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسرحية ( قاع ) للكاتب العراقي عمار نعمة جابر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الاقسام الاساسية :: نصوص مسرحية-
انتقل الى: