إنشاء فرقة الغد للعروض التجريبية كان الهدف منها الحفاظ علي فكرة المسرح الشعبي ولكن في أطر وأشكال جديدة لها علاقة وثيقة بالتجريب ولكن التجريب المغاير أو بمعني آخر التجريب في المادة المسرحية الشعبية وبطبيعة الحال لم تتحقق الفكرة وقت أن كانت الفرقة تابعة للبيت الفني للفنون الشعبية ولا في صورتها الحالية وهي تابعة للبيت الفني للمسرح واصبحت في شكلها وصورتها الحالية صورة مصغرة من مسرحي الطليعة والشباب وهنا من الحتمي بشكل عام تحديد مناهج جميع فرق البيت وعلي وجه الخصوص تحديد منهج كل فرقة من فرق الطليعة والغد والشباب وربما الاخير الذي يلتزم بمنهجية واضحة منذ أن كان مديره المخرج خالد جلال والتعامل مع العروض الصغيرة أو حتي الكبيرة ولكن في التعامل مع قضايا الشباب من خلال العناصر الشابة من المسرحيين "!!".
. وعودة لمسرح الغد الذي يقدم حاليا عرض "كيد النسا" المأخوذ عن رائعة زكريا الحجاوي أبوالفنون الشعبية في مصر فكيف تعامل معها عادل أنور كمعد وكمخرج.. وأولاً لابد من التركيز علي اعادة صياغة وماهية مسرح الغد كفرقة مهمتها الاولي التجريب في المادة التراثية والشعبية ولعل عرض "كيد النسا" يقترب علي استحياء من هذه الفكرة أو هذا التصور؟ ولكن ليس بالصورة المسرحية المطلوبة والتي ينقصها الكثير من المفردات والمقومات والركائز الذي يعتمد عليها المسرح الشعبي وليس من الضروري - فقط - أن تكون المادة الدرامية مأخوذة عن أصول شعبية ولكن يجب تنفيذ هذه المادة في قالب وأشكال شعبية سواء اللغة أو الاغنية أو الرقص التعبيري والحركي أو اداء الممثل والسينوغرافيا التي تحتوي أو تحتضن العرض أو حتي الصور المعادلة كاستخدامات خيال الظل أو الموتيفات الشعبية .. تحقق البعض من هذا وبدرجات متفاوتة من حيث المستوي والقيمة ولم يتحقق الكثير وهذا ما سنذكره في سياق المقال.
"كيد النسا" من الحواديت الشعبية المثيرة والتي يعشقها ويعرفها الجمهور بكافة مستوياته وكان يجب سماعها من راوي السيرة الشعبية ونقلها للمسرح محفوف بالمخاطر لعدة اسباب : كيف يكون الخطاب المسرحي وكيف يوضع هذا الخطاب في صورة مسرحية مناسبة؟ بل وجذابة. خاصة وأن الحدوتة تعتمد علي المكيدة وحبك المؤامرة والدهاء خاصة الحدوتة المتعلقة بالمرأة التي تبغي الحصول أو الفوز برجل ما فالمرأة عندما تحب تتحول بين يد الحبيب الي عصفورة من الجنة وبين من يقف أمام هذا الحب إلي وحش كاسر ومفترس وهذه هي أصل الحكاية.. صالحة العبد تحب ابن عمها صالح العبد ومخطوبة له وحسنة يحبها ابن عمتها البلطجي حسن وأخوها الذي يعيش للخمر والحسناوات .. حسنة تقع في حب صالح فتدبر مع عايقة الدلالة المكائد والمؤامرات للفوز بقلب صالح لكنها في النهاية ينكشف امرها ويعود الحبيبان لعش الحب والزوجية وبعيدا عن التفاصيل الموازية ماذا فعل عادل أنور في اعداده واخراجه؟.. عادل من المجتهدين في مجال الاعداد المسرحي لكن خانه التوفيق في معالجته والتي اثرت سلبا علي صورته المسرحية فماذا عاب هذه الصورة؟ أولا وعلي سبيل النماذج فقط التسجيل الموسيقي والالحان وكان أن تكون لايف وحية ؟ كذلك وجود ثلاثة مستويات للراوي "خيال الظل والمجذوب وشخصية التمثيل" وإلا ما وظيفة وعلاقة كل شخصية بطبيعة الحدث والعلاقة مع الشخصيات الأخري؟
كيد النسا والحجاوي
النص المعد مأخوذ عن عاشق الفنون الشعبية زكريا الحجاوي وما بين الاصل والاعداد» أن الاصل كان غارقا في الشعبية بكل مفرداتها» أما الاعداد فقد تاه أو ابتعد عن الروح الشعبية بكل تفاصيلها الدرامية والرؤية التشكيلية والمرئية وهذا ما افقد الكثير في العمل المغتالة أحلامه.
مبدعو الصورة
نخبة من عشاق المسرح "سلوي خطاب" في شخصية "حسنة" الدهاء والمؤامرة والحب والقهر» كل هذه المعاني جسدتها سلوي اداء وتعبيراً صوتياً رائعاً وان كانت في حاجة الي تصور اخراجي أفضل يبرز الكثير من ملامح المرأة الداهية والعاشقة في نفس الوقت أما عبير عادل في شخصية عايقة الدلالة فهي ممثلة مسرح من طراز نادر وجسدت الشخصية بكل ابعادها من دهاء ومكر مزدوج» لكنها تلعب لصالحها فقط ونجحت في هذا أما مفيد عاشور فهو أكبر من الشخصية وجسدها كما هي مكتوبة ولم تحمله جهداً تمثيلياً فهي محددة الملامح باستثناء لحظة التوبة و"شريف عواد" ممثل اكثر من جيد جسد شخصية أخي حسنة ونجح في ابراز ملامح الشخصية في انحرافها واعتدالها أما الباقي فقد أدوا كل في حدود دوره.
شارك في محاولة ابراز الصورة المسرحية ديكور محمد جابر المتميز في كل اعماله وخيال الظل الرائع لأيمن حمدون وأزياء هبة مجدي المناسبة.
السبت مايو 12, 2007 1:22 am
